أبو بكر الصديق (رضي الله عنه).
sky net لخدمات الانترنت والموبايل :: الفئة الأولى :: المنتديات الاسلامية :: منتدى قصص الصحابة رضى الله عنهم
صفحة 1 من اصل 1
أبو بكر الصديق (رضي الله عنه).
اسمه و نسبه:-
-----------
اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي . و اسم أمه : أم الخير
سلمى بنت صخر بن عامر ، ماتت مسلمة . و في تسميته بعتيق ثلاثة أقوال : أحدهما ما روي عن عائشة أنها
سئلت : لم سمي أبو بكر عتيقاً ؟ فقالت : نظر إليه رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فقال : هذا عتيق الله
من النار . و الثاني : أنه اسم سمته به أمه ، قاله موسى بن طلحة . و الثالث : أنه سمي به لجمال وجهه ،
قاله الليث بن سعد . و قال ابن قتيبة لقبه النبي صلى الله عليه و سلم بذلك لجمال و سماه النبي
(صلى الله عليه وسلم) صديقاً و قال يكون بعدي اثنا عشر خليفة ، أبو بكر الصديق لا يلبث إلا قليلاً .
و كان علي بن أبي طالب يحلف بالله أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء : الصديق .
صفته:-
-----
كان أبو بكر رضي الله عنه نحيفاً خفيف العارضين معروق الوجه ناتئ الجبهة أجنى لا يستمسك ، إزاره
يسترخي عن حقويه ، عاري الأشاجع يخضب بالحناء و الكتم عن أنس قال : كان أبو بكر يخضب بالحناء
والكتم . و عن قيس بن أبي حازم قال : دخلت مع أبي على أبي بكر و كان رجلاً نحيفاً خفيف اللحم ، أبيض .
أفعاله الجميلة:-
-----------
عن أسماء بنت أبي بكر قالت : جاء الصريخ إلى أبي بكر ، فقيل له : أدرك صاحبك . فخرج من عندنا و إن
له غدائر ، فدخل المسجد و هو يقول : ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله و قد جاءكم بالبينات من ربكم
قال: فلهوا عن رسول الله( صلى الله عليه وسلم) و أقبلوا إلى أبي بكر ، فرجع إلينا أبو بكر ، فجعل لا يمس
شيئاً من غدائره إلا جاء معه ، و هو يقول : تباركت يا ذا الجلال و الإكرام . و عن أنس ، قال : لما كان ليلة
الغار قال أبو بكر يا رسول الله دعني أدخل قبلك فإن كان حية أو شيء كانت لي قبلك قال : ادخل . فدخل أبو
بكر فجعل يلتمس بيده كلما رأى جحراً قال بثوبه فشقه ثم ألقمه الجحر ، حتى فعل ذلك بثوبه أجمع .
قال:-فبقي جحر فوضع عقبه عليه ثم أدخل رسول الله
(صلى الله عليه وسلم). فلما أصبح قال له النبي (صلى الله عليه و سلم) : فأين ثوبك يا أبا بكر ؟
فأخبره بالذي صنع ، فرفع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) يديه و قال : اللهم اجعل أبا بكر معي
في درجتي يوم القيامة .
فأوحى الله عز و جل إليه أن الله تعالى قد استجاب لك .
وعن الزهري قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) لحسان:هل قلت في أبي بكر شيئاً ؟ فقال نعم .
فقال : قل و أنا أسمع . فقال:-و ثاني اثنين في الغار المنيف وقد طاف العدو به إذ صعد الجبلا
وكان أحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)، قد علموا من البرية لم يعدل به رجـــلا
فضحك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) حتى بدت نواجذه ، ثم قال : صدقت يا حسان ، هو كما قلت .
و قال المدائني : و كان ردف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) . و عن عمر بن الخطاب قال : أمرنا
رسول الله (صلى الله عليه وسلم)أن نتصدق و وافق ذلك مالاً عندي فقلت:اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً .
قال:فجئت بنصف مالي . قال : فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم): ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله .
و أتى أبو بكر بكل ما عنده ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم
الله و رسوله . فقلت : لا أسابقك إلى شيء أبداً . و عن قيس ، قال : اشترى أبو بكر رضي الله عنه بلالاً ،
و هو مدفون في الحجارة بخمس أواق ذهباً ، فقالوا : لو أبيت إلا أوقية لبعناك .
قال : لو أبيتم إلا مائة أوقية لأخذته .
جُمَلٌ من فضائله و مناقبه رضي الله عنه:-
------------------------------
ذكر أهل العلم بالتواريخ و السير أن أبا بكر شهد مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) بدراً و جميع
المشاهد و لم يفته منها مشهد ، و ثبت مع رسول الله r يوم أحد ، و دفع إليه رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) رايته العظمى يوم تبوك ، و أنه كان يملك يوم أسلم أربعين ألف درهم ، فكان يعتق
منها و يقوي المسلمين ، و هو أول من جمع القرآن ، و تنزه عن شرب المسكر في الجاهلية و الإسلام ، و هو
أول من قاء تحرجاً من الشبهات . و ذكر محمد بن إسحاق أنه أسلم على يده من العشرة خمسة : عثمان بن
عفان و طلحة بن عبيد الله ، و الزبير ، و سعد بن أبي وقاص ، و عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم .
عن أبي سعيد قال : خطب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) الناس فقال : إن الله عز وجل خير عبداً بين
الدنيا و بين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عنده . فبكى أبو بكر ، فعجبنا من بكائه ، فكان رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) المخير و كان أبو بكر أعلمنا به فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)
إن من آمن الناس عليّ في صحبته و ماله أبو بكر ، و لو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، لكن
أخوة الإسلام و مودته ، لا يبقى في المسجد باب إلا سد إلا باب أبو بكر ، أخرجاه في الصحيحين . عن أبي
الدرداء قال : كنت جالساً عند النبي ( صلى الله عليه وسلم) إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن
ركبتيه ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم) أما صاحبكم فقد غامر ، فسلم فقال يا رسول الله إني كان بيني
و بين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ، ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي ، فأقبلت : فقال يغفر الله لك يا
أبا بكر ، ثلاثاً . ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فقال : أثم أبو بكر قالوا : لا ، فأتى إلى النبي r فسلم
عليه فجعل وجه النبي ( صلى الله عليه وسلم) يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول
الله ، و الله إن كنت أظلم مرتين . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ،
و قال أبو بكر صدق وواساني بنفسه و ماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي ؟ مرتين ، فما أوذي بعدها . انفرد
بإخراجه البخاري . و عن سهل بن سعد قال : كان قتال بني عمرو بن عوف فبلغ النبي
( صلى الله عليه وسلم) فأتاهم بعد الظهر ليصلح بينهم ، و قال : يا بلال إن حضرت الصلاة و لم
أت فمر أبا بكر فليصل بالناس . فلما أن حضرت الصلاة أقام بلال العصر ثم أمر أبا بكر فتقدم بهم وجاء
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) بعد ما دخل أبو بكر في الصلاة فلما رأوه صفحوا و جاء رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) يشق الناس حتى قام خلف أبي بكر . قال : و كان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم
يلتفت ، فلما رأى التصفيح لا يمسك عنه التفت فرأى النبي ( صلى الله عليه وسلم) خلفه فأومأ إليه رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) بيده أن امضه فقام أبو بكر على هيئته فحمد الله على ذلك ثم مشى القهقرى .
قال : فمضى رسول الله( صلى الله عليه وسلم) فصلى بالناس ، فلما قضى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)
الصلاة قال:ياأبا بكر ما منعك إذ أومأت إليك أن لا تكون مضيت ؟ فقال أبو بكر : لم يكن لابن أبي قحافة أن
يؤم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) . فقال للناس : إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال ،و لتصفح
النساء . أخرجاه في الصحيحين .
وعن عائشة قالت : لما ثقل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال : مروا أبا بكر
فليصل بالناس . قالت : فقلت : يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف و أنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس ،
فلو أمرت عمر . فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . قالت : فقلت لحفصة : قولي له إن أبا بكر رجل
أسيف ، و إنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس ، فلو أمرت عمر فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : إنكن
لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس . قالت : فأمروا أبا بكر يصلي بالناس ، فلما دخل في
الصلاة وجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)في نفسه خفة ، قالت : فقام يهادي بين رجلين و رجلاه تخطان
في الأرض ، حتى دخل المسجد ، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب ليتأخر ، فأومأ إليه رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) : أن قم كما أنت فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) حتى جلس عن يسار أبي
بكر و أبو بكر قائماً ، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) و يقتدي الناس بصلاة أبي بكر
أخرجاه في الصحيحين .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : ما نفعني مال قط ما نفعني
مال أبي بكر . فبكى أبو بكر و قال : هل أنا و مالي إلا لك يا رسول الله ؟ . رواه أحمد . و عن محمد بن
جبير بن مطعم عن أبي ، قال : أتت امرأة إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم) فأمرها أن ترجع إليه ، قالت :
أرأيت إن جئت و لم أجدك ؟ كأنها تقول الموت قال رسول الله( صلى الله عليه وسلم) إن لم تجديني فائتي أبا
بكر . رواه البخاري و عن ابن عمر ، قال : كنت عند النبي ( صلى الله عليه وسلم) و عنده أبو بكر الصديق
، و عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فنزل عليه جبريل فقال : يا محمد مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد
خلها في صدره ؟ فقال : يا جبريل أنفق ماله علي قبل الفتح ، قال : فإن الله عز و جل يقرأ عليك السلام
و يقول لك قل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) يا أبا بكر
، إن الله عز و جل يقرأ عليك السلام و يقول لك أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط ؟ فقال أبو بكر عليه
السلام أسخط على ربي ؟ أنا عن ربي راض ، أناعن ربي راض ، أنا عن ربي راض . و عن أبي رجاء
العطاردي قال : دخلت المدينة فرأيت الناس مجتمعين و رأيت رجلاً يقبل رأس
رجل و يقول : أنا فداء لك لولا أنت هلكنا فقلت : من المقبل و من المقبل ؟
قالوا ذاك عمر يقبل رأس أبي بكر في قتاله أهل الردة إذ منعوا الزكاة حتى أتوا بها صاغرين . و عن محمد
بن الحنفية قال : قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) قال : أبو بكر . قلت :
ثم من ؟ قال : ثم عمر . و خشيت أن يقول :
عثمان قلت : ثم أنت فقال : ما أبوك إلا رجل من المسلمين . انفرد بإخراجه البخاري .
و عن الحسن ،قال:-قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : يا ليتني شجرة تعضد ثم تؤكل .
وعن زيد بن أرقم قال : كان لأبي بكر مملوك يغل عليه فأتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة ،
فقال له المملوك:-مالك كنت تسألني كل ليلة و لم تسالني الليلة ؟ قال : حملني على ذلك الجوع من أين جئت
بهذا ؟ قال مررت بقوم في الجاهلية فرقيت لهم فوعدوني فلما أن كان اليوم مررت بهم فإذا عرس لهم
فأعطوني فقال : أف لك كدت تهلكني فأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ ، و جعلت لا تخرج فقيل له : إن هذه لا
تخرج إلا بالماء ، فدعا بعس من ماء فجعل يشرب و يتقيأ حتى رمى بها فقيل له يرحمك الله ، كل هذا من أجل
هذه اللقمة ؟ فقال لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)
يقول :- كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة .
و قد أخرج البخاري في أفراده من حديث عائشة طرفاً من الحديث . و عن هشام عن محمد قال : كان أغير
هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر .
و عن محمد بن سيرين قال : لم يكن أحد أهيب لما يعلم بعد النبي ( صلى الله عليه وسلم) من أبي بكر .
و عن قيس قال : رأيت أبا بكر آخذاً بطرف لسانه و يقول : هذا الذي أوردني الموارد . و عن ابن أبي مليكة
، قال : كان ربما سقط الخطام من يد أبي بكر الصديق ، قال : فيضرب بذراع ناقته فينيخها فيأخذه قال :
فقالوا له : أفلا أمرتنا نناولكه ؟ قال : إن حبي ( صلى الله عليه وسلم) أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً .
رواه الإمام أحمد .
خلافة أبي بكر رضي الله عنه:-
-----------------------
ذكر الواقدي عن أشياخه أن أبا بكر بويع يوم قبض رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) يوم الاثنين لاثني عشرة
ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من مهاجر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) .
طرف من خطبه و مواعظه و كلامه رضي الله عنه:-
-------------------------------------
عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : لما ولي أبو بكر خطب الناس فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهل ثم قال :
أما بعد أيها الناس ، قد وليت عليكم و لست بخيركم ، و لكن قد نزل القرآن و سن النبي
(صلى الله عليه وسلم) السنن فعلمنا ، اعلموا أن أكيس الكيس التقوى ، و أن أحمق الحمق الفجور ، إن أقواكم
عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه ، و إن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق ، أيها الناس إنما أنا متبع
و لست بمبتدع ، فإن أحسنت فأعينوني و إن زغت فقوموني . و عن الحسن قال : لما بويع أبو بكر قام خطيباً ،
فلا و الله ما خطب خطبته أحد بعد فحمد الله و أثنى عليه ثم قال : أما بعد ، فإني وليت هذا الأمر و أنا كاره
له ، و الله لوددت أن بعضكم كفانيه ، ألا و إنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم مثل عمل رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) لم أقم به . كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) عبداً أكرمه الله بالوحي و عصمه به
، ألا و إنما أنا بشر و لست بخير من أحد منكم فراعوني فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني و إذا رأيتموني زغت
فقوموني واعلموا أن لي شيطاناً يعتريني فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني ... و عن يحيى أن أبا بكر الصديق
رضي الله عنه كان يقول في خطبته : أين الوضاء الحسنة وجوههم المعجبون بشأنهم ؟ أين الملوك الذين بنوا
المدائن و حصنوها بالحيطان ؟ أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب ؟ قد تضعضع بهم الدهر
فأصبحوا في ظلمات القبور ، ألوحا ألوحا ، النجاء النجاء .
و عن عبد الله بن عكيم قال : خطبنا أبو بكر فقال : أما بعد : فإني أوصيكم بتقوى الله و أن تثنوا عليه بما هو
أهله ، و أن تخلطوا الرغبة بالرهبة و تجمعوا الإلحاف بالمسألة . إن الله أثنى على زكريا و أهل بيته فقال :
إنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغباً و رهباً و كانوا لنا خاشعين اعلموا عباد الله أن الله قد ارتهن
بحقه أنفسكم ، و أخذ على ذلك مواثيقكم و اشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي ،
و هذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه ، و لا يطفأ نوره ، فصدقوا قوله و انتصحوا كتابه و استضيئوا منه ليوم
القيامة ، و إنما خلقكم لعبادته و وكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون ، ثم اعلموا عباد الله أنكم تغدون و
تروحون في أجل قد غيب عنكم علمه ، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال و أنتم في عمل الله فافعلوا ولن
تستطيعوا ذلك إلا بالله ، فسابقوا في مهل آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم فتردكم إلى سوء أعمالكم ، فإن أقواماً
جعلوا آجالهم لغيرهم و نسوا أنفسهم فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم ، ألوحا ألوحا النجاء النجاء إن وراءكم طالباً
حثيثاً مره سريع .
مرض أبي بكر و وفاته رضي الله عنه:-
------------------------------
عن عبد الله بن عمر قال : كان سبب موت أبي بكر وفاة رسول الله r ، كمد فما زال جسمه يحري حتى مات
وعن ابن هشام أنا أبا بكر و الحارث بن كلدة كانا يأكلان حريرة أهديت لأبي بكر . فقال الحارث لأبي بكر :
ارفع يا خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)، و الله إن فيها لسم سنة ، و أنا و أنت نموت في يوم واحد
فرفع يده فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة . و قيل : كان بدء مرضه أنه اغتسل في
يوم بارد فحم خمسة عشر يوماً .
و عن أبي السفر قال : مرض أبو بكر فعاده الناس ، فقالوا : ألا ندعو لك الطبيب ؟ قال : قد رآني . قالوا :
فأي شيء قال لك ؟ قال : إني فعال لما أريد . و عن عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط قال : لما حضر أبا
بكر الصديق الموت دعا عمر فقال له اتق الله يا عمر ، و اعلم أن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل ، و عملاً
بالليل لا يقبله بالنهار ، و أنه لا يقبل نافلة حتى تؤدي فريضته ، و إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم
القيامة باتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم ، و حق لميزان يوضع فيه الحق غداً أن يكون ثقيلاً ، و إنما
خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا و خفته عليهم ، وحق لميزان يوضع فيه
الباطل غداً أن يكون خفيفاً ، و إن الله تعالى ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم و تجاوز عن سيئه ، فإذا
ذكرتهم قلت : إني لأخاف أن لا ألحق بهم ، و إن الله تعالى ذكر أهل النار فذكرهم بأسوأ أعمالهم ، و رد
عليهم أحسنه ، فإذا ذكرتهم قلت : إني لأرجو أن لا أكون مع هؤلاء ليكون العبد راغباً راهباً ؟، لا يتمنى على
الله ، و لا يقنط من رحمة الله ، فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أحب إليك من الموت و هو آتيك ، و إن
أنت ضيعت وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت ، و لست تعجزه . و عن عائشة قالت : لما مرض
أبو بكر مرضه الذي مات فيه قال : انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت في الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة من
بعدي ، فنظرنا فإذا عبد نوبي كان يحمل صبيانه ، و إذا ناضح كان يسقي بستاناً له ، فبعثنا بهما إلى عمر .
قالت : فأخبرني جدي أن عمر بكى و قال : رحمة الله على أبي بكر لقد أتعب من بعده تعباً شديداً . و عنها
قالت:-لما حضر أبا بكر الوفاة جلس فتشهد ثم قال : أما بعد يا بنية ، فإن أحب الناس غنىً إلي بعدي أنت ،
و إن أعز الناس عليّ فقراً بعدي أنت ، و إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقاً من مالي فوددت و الله أنك حزته
و إنما هو أخواك و أختاك . قالت : هذان أخواي فمن أختاي ؟ قال : ذو بطن ابنة خارجة فإني أظنها جارية .
و في رواية قد ألقي في روعي أنها جارية فولدت أم كلثوم . و عنها قالت لما ثقل أبو بكر قال : أي يوم هذا ؟
قلنا يوم الاثنين .
قال : فإني أرجو ما بيني و بين الليل قالت : و كان عليه ثوب عليه ردع من مشق فقال : إذا أنا مت فاغسلوا
ثوبي هذا و ضموا إليه ثوبين جديدين و كفنوني في ثلاثة أثواب فقلنا : أفلا نجعلها جدداً كلها ؟ قال : لا ، إنما
هو للمهلة فمات ليلة الثلاثاء . أخرجه البخاري .
قال أهل السير:-
-------------
توفي أبو بكر ليلة الثلاثاء بين المغرب و العشاء لثمان ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من
الهجرة ، و هو ابن (ثلاث و ستين) و أوصى أن تغسله أسماء زوجته فغسلته و أن يدفن إلى جنب رسول الله
( صلى الله عليه وسلم).
و صلى عليه عمر بين القبر و المنبر ، و نزل في حفرته ابنه عبد الرحمن و عمر و عثمان و طلحة بن عبيد
الله . رحمه الله و رضي عنه و حشرنا في زمرته و أماتنا على سنته و محب
-----------
اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي . و اسم أمه : أم الخير
سلمى بنت صخر بن عامر ، ماتت مسلمة . و في تسميته بعتيق ثلاثة أقوال : أحدهما ما روي عن عائشة أنها
سئلت : لم سمي أبو بكر عتيقاً ؟ فقالت : نظر إليه رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فقال : هذا عتيق الله
من النار . و الثاني : أنه اسم سمته به أمه ، قاله موسى بن طلحة . و الثالث : أنه سمي به لجمال وجهه ،
قاله الليث بن سعد . و قال ابن قتيبة لقبه النبي صلى الله عليه و سلم بذلك لجمال و سماه النبي
(صلى الله عليه وسلم) صديقاً و قال يكون بعدي اثنا عشر خليفة ، أبو بكر الصديق لا يلبث إلا قليلاً .
و كان علي بن أبي طالب يحلف بالله أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء : الصديق .
صفته:-
-----
كان أبو بكر رضي الله عنه نحيفاً خفيف العارضين معروق الوجه ناتئ الجبهة أجنى لا يستمسك ، إزاره
يسترخي عن حقويه ، عاري الأشاجع يخضب بالحناء و الكتم عن أنس قال : كان أبو بكر يخضب بالحناء
والكتم . و عن قيس بن أبي حازم قال : دخلت مع أبي على أبي بكر و كان رجلاً نحيفاً خفيف اللحم ، أبيض .
أفعاله الجميلة:-
-----------
عن أسماء بنت أبي بكر قالت : جاء الصريخ إلى أبي بكر ، فقيل له : أدرك صاحبك . فخرج من عندنا و إن
له غدائر ، فدخل المسجد و هو يقول : ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله و قد جاءكم بالبينات من ربكم
قال: فلهوا عن رسول الله( صلى الله عليه وسلم) و أقبلوا إلى أبي بكر ، فرجع إلينا أبو بكر ، فجعل لا يمس
شيئاً من غدائره إلا جاء معه ، و هو يقول : تباركت يا ذا الجلال و الإكرام . و عن أنس ، قال : لما كان ليلة
الغار قال أبو بكر يا رسول الله دعني أدخل قبلك فإن كان حية أو شيء كانت لي قبلك قال : ادخل . فدخل أبو
بكر فجعل يلتمس بيده كلما رأى جحراً قال بثوبه فشقه ثم ألقمه الجحر ، حتى فعل ذلك بثوبه أجمع .
قال:-فبقي جحر فوضع عقبه عليه ثم أدخل رسول الله
(صلى الله عليه وسلم). فلما أصبح قال له النبي (صلى الله عليه و سلم) : فأين ثوبك يا أبا بكر ؟
فأخبره بالذي صنع ، فرفع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) يديه و قال : اللهم اجعل أبا بكر معي
في درجتي يوم القيامة .
فأوحى الله عز و جل إليه أن الله تعالى قد استجاب لك .
وعن الزهري قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) لحسان:هل قلت في أبي بكر شيئاً ؟ فقال نعم .
فقال : قل و أنا أسمع . فقال:-و ثاني اثنين في الغار المنيف وقد طاف العدو به إذ صعد الجبلا
وكان أحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)، قد علموا من البرية لم يعدل به رجـــلا
فضحك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) حتى بدت نواجذه ، ثم قال : صدقت يا حسان ، هو كما قلت .
و قال المدائني : و كان ردف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) . و عن عمر بن الخطاب قال : أمرنا
رسول الله (صلى الله عليه وسلم)أن نتصدق و وافق ذلك مالاً عندي فقلت:اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً .
قال:فجئت بنصف مالي . قال : فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم): ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله .
و أتى أبو بكر بكل ما عنده ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم
الله و رسوله . فقلت : لا أسابقك إلى شيء أبداً . و عن قيس ، قال : اشترى أبو بكر رضي الله عنه بلالاً ،
و هو مدفون في الحجارة بخمس أواق ذهباً ، فقالوا : لو أبيت إلا أوقية لبعناك .
قال : لو أبيتم إلا مائة أوقية لأخذته .
جُمَلٌ من فضائله و مناقبه رضي الله عنه:-
------------------------------
ذكر أهل العلم بالتواريخ و السير أن أبا بكر شهد مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) بدراً و جميع
المشاهد و لم يفته منها مشهد ، و ثبت مع رسول الله r يوم أحد ، و دفع إليه رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) رايته العظمى يوم تبوك ، و أنه كان يملك يوم أسلم أربعين ألف درهم ، فكان يعتق
منها و يقوي المسلمين ، و هو أول من جمع القرآن ، و تنزه عن شرب المسكر في الجاهلية و الإسلام ، و هو
أول من قاء تحرجاً من الشبهات . و ذكر محمد بن إسحاق أنه أسلم على يده من العشرة خمسة : عثمان بن
عفان و طلحة بن عبيد الله ، و الزبير ، و سعد بن أبي وقاص ، و عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم .
عن أبي سعيد قال : خطب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) الناس فقال : إن الله عز وجل خير عبداً بين
الدنيا و بين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عنده . فبكى أبو بكر ، فعجبنا من بكائه ، فكان رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) المخير و كان أبو بكر أعلمنا به فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)
إن من آمن الناس عليّ في صحبته و ماله أبو بكر ، و لو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، لكن
أخوة الإسلام و مودته ، لا يبقى في المسجد باب إلا سد إلا باب أبو بكر ، أخرجاه في الصحيحين . عن أبي
الدرداء قال : كنت جالساً عند النبي ( صلى الله عليه وسلم) إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن
ركبتيه ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم) أما صاحبكم فقد غامر ، فسلم فقال يا رسول الله إني كان بيني
و بين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ، ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي ، فأقبلت : فقال يغفر الله لك يا
أبا بكر ، ثلاثاً . ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فقال : أثم أبو بكر قالوا : لا ، فأتى إلى النبي r فسلم
عليه فجعل وجه النبي ( صلى الله عليه وسلم) يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول
الله ، و الله إن كنت أظلم مرتين . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ،
و قال أبو بكر صدق وواساني بنفسه و ماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي ؟ مرتين ، فما أوذي بعدها . انفرد
بإخراجه البخاري . و عن سهل بن سعد قال : كان قتال بني عمرو بن عوف فبلغ النبي
( صلى الله عليه وسلم) فأتاهم بعد الظهر ليصلح بينهم ، و قال : يا بلال إن حضرت الصلاة و لم
أت فمر أبا بكر فليصل بالناس . فلما أن حضرت الصلاة أقام بلال العصر ثم أمر أبا بكر فتقدم بهم وجاء
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) بعد ما دخل أبو بكر في الصلاة فلما رأوه صفحوا و جاء رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) يشق الناس حتى قام خلف أبي بكر . قال : و كان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم
يلتفت ، فلما رأى التصفيح لا يمسك عنه التفت فرأى النبي ( صلى الله عليه وسلم) خلفه فأومأ إليه رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) بيده أن امضه فقام أبو بكر على هيئته فحمد الله على ذلك ثم مشى القهقرى .
قال : فمضى رسول الله( صلى الله عليه وسلم) فصلى بالناس ، فلما قضى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)
الصلاة قال:ياأبا بكر ما منعك إذ أومأت إليك أن لا تكون مضيت ؟ فقال أبو بكر : لم يكن لابن أبي قحافة أن
يؤم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) . فقال للناس : إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال ،و لتصفح
النساء . أخرجاه في الصحيحين .
وعن عائشة قالت : لما ثقل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال : مروا أبا بكر
فليصل بالناس . قالت : فقلت : يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف و أنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس ،
فلو أمرت عمر . فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . قالت : فقلت لحفصة : قولي له إن أبا بكر رجل
أسيف ، و إنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس ، فلو أمرت عمر فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : إنكن
لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس . قالت : فأمروا أبا بكر يصلي بالناس ، فلما دخل في
الصلاة وجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)في نفسه خفة ، قالت : فقام يهادي بين رجلين و رجلاه تخطان
في الأرض ، حتى دخل المسجد ، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب ليتأخر ، فأومأ إليه رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) : أن قم كما أنت فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) حتى جلس عن يسار أبي
بكر و أبو بكر قائماً ، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) و يقتدي الناس بصلاة أبي بكر
أخرجاه في الصحيحين .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : ما نفعني مال قط ما نفعني
مال أبي بكر . فبكى أبو بكر و قال : هل أنا و مالي إلا لك يا رسول الله ؟ . رواه أحمد . و عن محمد بن
جبير بن مطعم عن أبي ، قال : أتت امرأة إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم) فأمرها أن ترجع إليه ، قالت :
أرأيت إن جئت و لم أجدك ؟ كأنها تقول الموت قال رسول الله( صلى الله عليه وسلم) إن لم تجديني فائتي أبا
بكر . رواه البخاري و عن ابن عمر ، قال : كنت عند النبي ( صلى الله عليه وسلم) و عنده أبو بكر الصديق
، و عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فنزل عليه جبريل فقال : يا محمد مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد
خلها في صدره ؟ فقال : يا جبريل أنفق ماله علي قبل الفتح ، قال : فإن الله عز و جل يقرأ عليك السلام
و يقول لك قل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) يا أبا بكر
، إن الله عز و جل يقرأ عليك السلام و يقول لك أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط ؟ فقال أبو بكر عليه
السلام أسخط على ربي ؟ أنا عن ربي راض ، أناعن ربي راض ، أنا عن ربي راض . و عن أبي رجاء
العطاردي قال : دخلت المدينة فرأيت الناس مجتمعين و رأيت رجلاً يقبل رأس
رجل و يقول : أنا فداء لك لولا أنت هلكنا فقلت : من المقبل و من المقبل ؟
قالوا ذاك عمر يقبل رأس أبي بكر في قتاله أهل الردة إذ منعوا الزكاة حتى أتوا بها صاغرين . و عن محمد
بن الحنفية قال : قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) قال : أبو بكر . قلت :
ثم من ؟ قال : ثم عمر . و خشيت أن يقول :
عثمان قلت : ثم أنت فقال : ما أبوك إلا رجل من المسلمين . انفرد بإخراجه البخاري .
و عن الحسن ،قال:-قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : يا ليتني شجرة تعضد ثم تؤكل .
وعن زيد بن أرقم قال : كان لأبي بكر مملوك يغل عليه فأتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة ،
فقال له المملوك:-مالك كنت تسألني كل ليلة و لم تسالني الليلة ؟ قال : حملني على ذلك الجوع من أين جئت
بهذا ؟ قال مررت بقوم في الجاهلية فرقيت لهم فوعدوني فلما أن كان اليوم مررت بهم فإذا عرس لهم
فأعطوني فقال : أف لك كدت تهلكني فأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ ، و جعلت لا تخرج فقيل له : إن هذه لا
تخرج إلا بالماء ، فدعا بعس من ماء فجعل يشرب و يتقيأ حتى رمى بها فقيل له يرحمك الله ، كل هذا من أجل
هذه اللقمة ؟ فقال لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)
يقول :- كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة .
و قد أخرج البخاري في أفراده من حديث عائشة طرفاً من الحديث . و عن هشام عن محمد قال : كان أغير
هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر .
و عن محمد بن سيرين قال : لم يكن أحد أهيب لما يعلم بعد النبي ( صلى الله عليه وسلم) من أبي بكر .
و عن قيس قال : رأيت أبا بكر آخذاً بطرف لسانه و يقول : هذا الذي أوردني الموارد . و عن ابن أبي مليكة
، قال : كان ربما سقط الخطام من يد أبي بكر الصديق ، قال : فيضرب بذراع ناقته فينيخها فيأخذه قال :
فقالوا له : أفلا أمرتنا نناولكه ؟ قال : إن حبي ( صلى الله عليه وسلم) أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً .
رواه الإمام أحمد .
خلافة أبي بكر رضي الله عنه:-
-----------------------
ذكر الواقدي عن أشياخه أن أبا بكر بويع يوم قبض رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) يوم الاثنين لاثني عشرة
ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من مهاجر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) .
طرف من خطبه و مواعظه و كلامه رضي الله عنه:-
-------------------------------------
عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : لما ولي أبو بكر خطب الناس فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهل ثم قال :
أما بعد أيها الناس ، قد وليت عليكم و لست بخيركم ، و لكن قد نزل القرآن و سن النبي
(صلى الله عليه وسلم) السنن فعلمنا ، اعلموا أن أكيس الكيس التقوى ، و أن أحمق الحمق الفجور ، إن أقواكم
عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه ، و إن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق ، أيها الناس إنما أنا متبع
و لست بمبتدع ، فإن أحسنت فأعينوني و إن زغت فقوموني . و عن الحسن قال : لما بويع أبو بكر قام خطيباً ،
فلا و الله ما خطب خطبته أحد بعد فحمد الله و أثنى عليه ثم قال : أما بعد ، فإني وليت هذا الأمر و أنا كاره
له ، و الله لوددت أن بعضكم كفانيه ، ألا و إنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم مثل عمل رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) لم أقم به . كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) عبداً أكرمه الله بالوحي و عصمه به
، ألا و إنما أنا بشر و لست بخير من أحد منكم فراعوني فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني و إذا رأيتموني زغت
فقوموني واعلموا أن لي شيطاناً يعتريني فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني ... و عن يحيى أن أبا بكر الصديق
رضي الله عنه كان يقول في خطبته : أين الوضاء الحسنة وجوههم المعجبون بشأنهم ؟ أين الملوك الذين بنوا
المدائن و حصنوها بالحيطان ؟ أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب ؟ قد تضعضع بهم الدهر
فأصبحوا في ظلمات القبور ، ألوحا ألوحا ، النجاء النجاء .
و عن عبد الله بن عكيم قال : خطبنا أبو بكر فقال : أما بعد : فإني أوصيكم بتقوى الله و أن تثنوا عليه بما هو
أهله ، و أن تخلطوا الرغبة بالرهبة و تجمعوا الإلحاف بالمسألة . إن الله أثنى على زكريا و أهل بيته فقال :
إنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغباً و رهباً و كانوا لنا خاشعين اعلموا عباد الله أن الله قد ارتهن
بحقه أنفسكم ، و أخذ على ذلك مواثيقكم و اشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي ،
و هذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه ، و لا يطفأ نوره ، فصدقوا قوله و انتصحوا كتابه و استضيئوا منه ليوم
القيامة ، و إنما خلقكم لعبادته و وكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون ، ثم اعلموا عباد الله أنكم تغدون و
تروحون في أجل قد غيب عنكم علمه ، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال و أنتم في عمل الله فافعلوا ولن
تستطيعوا ذلك إلا بالله ، فسابقوا في مهل آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم فتردكم إلى سوء أعمالكم ، فإن أقواماً
جعلوا آجالهم لغيرهم و نسوا أنفسهم فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم ، ألوحا ألوحا النجاء النجاء إن وراءكم طالباً
حثيثاً مره سريع .
مرض أبي بكر و وفاته رضي الله عنه:-
------------------------------
عن عبد الله بن عمر قال : كان سبب موت أبي بكر وفاة رسول الله r ، كمد فما زال جسمه يحري حتى مات
وعن ابن هشام أنا أبا بكر و الحارث بن كلدة كانا يأكلان حريرة أهديت لأبي بكر . فقال الحارث لأبي بكر :
ارفع يا خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)، و الله إن فيها لسم سنة ، و أنا و أنت نموت في يوم واحد
فرفع يده فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة . و قيل : كان بدء مرضه أنه اغتسل في
يوم بارد فحم خمسة عشر يوماً .
و عن أبي السفر قال : مرض أبو بكر فعاده الناس ، فقالوا : ألا ندعو لك الطبيب ؟ قال : قد رآني . قالوا :
فأي شيء قال لك ؟ قال : إني فعال لما أريد . و عن عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط قال : لما حضر أبا
بكر الصديق الموت دعا عمر فقال له اتق الله يا عمر ، و اعلم أن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل ، و عملاً
بالليل لا يقبله بالنهار ، و أنه لا يقبل نافلة حتى تؤدي فريضته ، و إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم
القيامة باتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم ، و حق لميزان يوضع فيه الحق غداً أن يكون ثقيلاً ، و إنما
خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا و خفته عليهم ، وحق لميزان يوضع فيه
الباطل غداً أن يكون خفيفاً ، و إن الله تعالى ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم و تجاوز عن سيئه ، فإذا
ذكرتهم قلت : إني لأخاف أن لا ألحق بهم ، و إن الله تعالى ذكر أهل النار فذكرهم بأسوأ أعمالهم ، و رد
عليهم أحسنه ، فإذا ذكرتهم قلت : إني لأرجو أن لا أكون مع هؤلاء ليكون العبد راغباً راهباً ؟، لا يتمنى على
الله ، و لا يقنط من رحمة الله ، فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أحب إليك من الموت و هو آتيك ، و إن
أنت ضيعت وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت ، و لست تعجزه . و عن عائشة قالت : لما مرض
أبو بكر مرضه الذي مات فيه قال : انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت في الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة من
بعدي ، فنظرنا فإذا عبد نوبي كان يحمل صبيانه ، و إذا ناضح كان يسقي بستاناً له ، فبعثنا بهما إلى عمر .
قالت : فأخبرني جدي أن عمر بكى و قال : رحمة الله على أبي بكر لقد أتعب من بعده تعباً شديداً . و عنها
قالت:-لما حضر أبا بكر الوفاة جلس فتشهد ثم قال : أما بعد يا بنية ، فإن أحب الناس غنىً إلي بعدي أنت ،
و إن أعز الناس عليّ فقراً بعدي أنت ، و إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقاً من مالي فوددت و الله أنك حزته
و إنما هو أخواك و أختاك . قالت : هذان أخواي فمن أختاي ؟ قال : ذو بطن ابنة خارجة فإني أظنها جارية .
و في رواية قد ألقي في روعي أنها جارية فولدت أم كلثوم . و عنها قالت لما ثقل أبو بكر قال : أي يوم هذا ؟
قلنا يوم الاثنين .
قال : فإني أرجو ما بيني و بين الليل قالت : و كان عليه ثوب عليه ردع من مشق فقال : إذا أنا مت فاغسلوا
ثوبي هذا و ضموا إليه ثوبين جديدين و كفنوني في ثلاثة أثواب فقلنا : أفلا نجعلها جدداً كلها ؟ قال : لا ، إنما
هو للمهلة فمات ليلة الثلاثاء . أخرجه البخاري .
قال أهل السير:-
-------------
توفي أبو بكر ليلة الثلاثاء بين المغرب و العشاء لثمان ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من
الهجرة ، و هو ابن (ثلاث و ستين) و أوصى أن تغسله أسماء زوجته فغسلته و أن يدفن إلى جنب رسول الله
( صلى الله عليه وسلم).
و صلى عليه عمر بين القبر و المنبر ، و نزل في حفرته ابنه عبد الرحمن و عمر و عثمان و طلحة بن عبيد
الله . رحمه الله و رضي عنه و حشرنا في زمرته و أماتنا على سنته و محب
مواضيع مماثلة
» سيف الله المسلول خالد بن الوليد( رضى الله عنه).
» أبو الدرداء رضى الله عنه.
» سيدنا أبى بن كعب ( رضى الله عنه).
» عبد الله بن مسعود.
» عبد الله بن رواحة
» أبو الدرداء رضى الله عنه.
» سيدنا أبى بن كعب ( رضى الله عنه).
» عبد الله بن مسعود.
» عبد الله بن رواحة
sky net لخدمات الانترنت والموبايل :: الفئة الأولى :: المنتديات الاسلامية :: منتدى قصص الصحابة رضى الله عنهم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى